1- بنو (العباس) ونظرتهم للسلطة

لم يطمح بنو (العباس) إلى السلطة بشكل جدي في بادئ الأمر؛ فـ (العباس) لما طلب ولاية من النبي صلى الله عليه وسلم، لم يوله النبي، وأخبره بعظم المسئولية؛ فأعرض عنها (العباس)، وأما ابنه (عبد الله بن عباس) فقد دعا له النبي أن يفقهه الله في الدين، ويعلمه التأويل؛ فأقبل على العلم، وأعرض عن أمر الولاية، وسكن (الطائف)، وعاصر خروج (الحسين)، ونصحه ألا يُقدم على (الكوفة)، لكن (الحسين) خالفه، وذهب إلى (الكوفة)، وأسلمه الكوفيون إلى مَن ذبحه، وطاف برأسه على الأمصار، وهي أول رأس يُطاف بها في الإسلام.

بعد مقتل (الحسين)، خرج (المختار بن أبي عبيد الثقفي) عامل (الكوفة) على الأمويين مطالبًا بثأر (الحسين) وقتل كل من كانت له صلة بمقتله، لكن (عبد الله بن عباس) لم يبايعه أيضًا، حتى قمع دعوته (مصعب بن الزبير). ولما خرج (عبد الله ابن الزبير) على الأمويين، وبُويع له بالخلافة، لم يبايعه (ابن عباس) بل خطَّأَه على فعلته؛ فشكر له الخليفة الأموي ذلك، لكن (ابن عباس) أراد أن يُنبهه أنه لم يفعل ذلك حبًا في الأمويين، وبعث له برسالة ذكّره في نهايتها بمقتل (الحسين)، وكان ابنه (علي بن عبد الله بن عباس) على هذا النهج، حتى جاء (محمد بن علي بن عبد الله بن عباس) الذي أصبح قائدًا للدعوة السرية للدولة العباسية، حتي مات؛ فتولى أخوه (إبراهيم) الأمر، لكن أمره افتضح؛ فاعتقله الخليفة الأموي وقتله في السجن، ثم تولى أخوه (أبو العباس السفاح) والذي أعلن الدعوة وأقام الدولة.

2- الاختلاف العباسي الأموي الأول

يتعرض المؤرخون لقضية دخول العباسيين إلى الصراع السياسي - بعد أن كانوا في منأى عنها - لأسباب أبرزها: أن (علي بن عبد الله بن عباس) كان من المقربين لـ (عبد الملك بن مروان) في (دمشق)، وكان مسالمًا، فلما مات (عبد الملك) وتولى ابنه (هشام) أرادت إحدى نساء (عبد الملك) - لبانة بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب - مغادرة الشام، ولا مَحْرَم لها؛ فتزوجها (علي)؛ ليكون لها محرم، وهي هاشمية من أبناء عمومته؛ فاعتبر (الوليد) ذلك إهانة له، وقال له: "إنما تتزوج أمهات المؤمنين؛ لتضع منهن "، وجلده ستين جلده، وطاف به عماله على ظهر بعير، ويشيرون إليه: "هذا هو الكذاب "، ونفاه من (الشام) إلى قرية تسمى (الحميمة) على الطريق الواصل بين (دمشق) و (الحجاز)، وهناك اهتم بتجارته، وأنجب كثيرًا حتى صار له من الذكور نيف وعشرون.

أثناء هذه الفترة كان العلويون في حنق شديد على الأمويين بعد مقتل (الحسين)، لكنهم انقسموا بعد ذلك إلى قسمين: قسم بايع (محمد بن الحنفية) وهو ابن أَمَة لـ (علي)، وقسم رأى أن الخلافة محصورة في ولد (فاطمة)، وبايع (علي بن الحسين). لكن السواد الأعظم اجتمع لـ (محمد ابن الحنفية)؛ فهابه (سليمان بن عبد الملك)، ودعاه للقائه، وخرج من عنده في وقت الظهيرة، وقد رصد (سليمان) من يكمن له في الطريق؛ ليسقيه شرابًا مسمومًا؛ فلما شعر بالسم أدرك أنه لن يصل إلى (الحجاز) حيًا؛ فأسرع باتجاه (الحميمة)، وهناك قابل (محمد بن علي بن عبد الله بن عباس)، وعهد إليه بإمامة الدعوة، وانتقلت راية الصراع من البيت العلوي إلى البيت العباسي، ويبدأ القرن الثاني الهجري، وتبدأ معه الدعوة العباسية.

3- العباسيون يُكملون طريق العلويين

4- الدعوة العباسية وعوامل نجاحها

5- (أبي مسلم الخراساني) السلطان المولى، والمحارب الدبلوماسي

6- مكانة (أبي مسلم) في الدولة وبطشه بخصومه

7- موت (السفاح)، وتولي (المنصور)

8- انقلاب في الأسرة العباسية

9- اغتيال (أبي مسلم)